رغم كل الاتفاقيات الرسمية التى توقعها مصر مع أمريكا لاستعادة آثارنا المهربة بطرق غير شرعية والحد من بيعها فى المزادات العلنية إلا أن الأمر مازال مستمرا ويوم بعد التالى تظهر أزمة جديدة فى هذا الصدد.
فلم يكن قد مر على أزمة تمثال "سخم كا" عدة أيام إذا بها تتجد مرة أخرى مع القناع "كا نفر نفر" ذلك التمثال الفرعونى الذى يعود عمره نحو 3200، أعلن النائب العام الامريكى ريتشارد كالاهان يوم الثلاثاء الماضى أن وزارة العدل الأمريكية ستتوقف عن اتخاذ أى إجراءات قضائية جديدة لاستعادة هذا القناع بعد أن طلبت منه المحكمة الأمريكية تقديم ما يثبت سرقة التمثال من مصر وهو ما لم تتمكن وزارة العدل الأمريكية من القيام به.
ويخص القناع جثة امرأه مصرية من النبلاء واسمها كا نفر نفر، وماتت عام 1186 قبل الميلاد، ويحتفظ متحف سان لويس للفنون بالقناع الذى أختفى من المتحف المصرى فى القاهرة منذ 40 عاما، ويقول متحف سان لويس إنه تحقق من مصدر القناع واشتراه بشكل قانونى عام 1998.
وكان قاضى أمريكى قد أصدر حكما عام 2012 يقول إن الحكومة الأمريكية لم تقدم دليلا على سرقة القناع أو تهريبه أو تصديره من مصر بشكل غير شرعى، وأقرت محكمة استئناف هذا الحكم فيما بعد.
وقال كالاهان " كنا نعتمد على غياب أى سجلات تفيد نقله بشكل قانونى، إلا أن المحكمة رأت أن هذا ليس دليلا على السرقة، وتقول وكالة أنباء اسوشيتد برس التى نقلت الخبر إنها طلبت من المجلس الأعلى للآثار فى مصر التعليق على ذلك لكنها لم تحصل على رد من المجلس حتى الآن.
وامتدح الممثل القانونى للمتحف ديفيد لايننبروكر قرار المحكمة قائلا "نعتقد أن الإجراءات كانت عادلة وكاملة ونحن سعداء بإنهاء هذا الأمر."
ويبلغ طول القناع نحو خمسين سنتيمترا وهو مصنوع من الخشب المغطى بطبقة من الجبس المطلى بالذهب وبأعين من الزجاج. وتم استخراجه من أحد أهرامات سقارة عام 1952.
وتعتقد الحكومة الأمريكية، أن القناع تمت سرقته بين العامين 1966 عند شحن القناع لعرضه فى القاهرة وعام 1973 عندما اكتشفت السرقة، واشترى متحف سان لويس القناع عام 1998 بنحو نصف مليون دولار من أحد تجار التحف فى نيويورك.
وتشير وثائق المتحف إلى أن القناع كان جزءا من مجموعة أسرة كالوترنا الخاصة فى كرواتيا خلال ستينيات القرن الماضي، ثم اشتراه جامع تحف كرواتى آخر هو جوجى يلنك فى سويسرا، ثم باعه بعد ذلك إلى تاجر التحف فونيكس ارت نيويورك عام 1995.
وحاول المسئولون المصريون استعادة التمثال عام 2006، الا أن المفاوضات فشلت مما أدى إلى دخول الحكومة الأمريكية فى نزاع قضائى ضد متحف سان لويس عام 2011.
وردا على ذلك، قال الدكتور ممدوح الدماطى، وزير الآثار، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أنه سيقوم بالرد على المحكمة الأمريكية فى أقرب وقت بعد جمع الأدلة التى تثبت أن القناع ملك مصر، مؤكدا أنه لا يوجد أى أثر فرعونى على وجه الأرض فى أى دولة لم يكن ملكا لمصر، ولكن إثبات أحقيتنا فيه ذلك هو الأمر الصعب، نظرا لأن القوانين الخاصة بالحد من الاتجار فى الآثار والاتفاقيات الدولية لم تكن ملزمة وتتناسب مع كافة الدول، مشيرا إلى القوانين تختلف من ولاية لولاية بأمريكا، فضلا عن أن قناع "كانفر نفر" خرج من مصر قبل الاتفاقيات التى وقعتها مصر مع أمريكا، وقبل حتى اتفاقية اليونسكو التى توصى بمنع الاتجار فى الآثار، مضيفا، كما أنه غير مسجل بوزارة الآثار لأنه تم التنقيب عنه بطريقة غير شرعية وبيعه بنفس الطريقة.
جدير بالذكر أنه فى مارس 2014 عاد الدكتور محمد إبراهيم، وزير الآثار السابق، من أمريكا فى زيارة استمرت 5 أيام، تم خلالها توقيع اتفاقية إطارية بين وزارة الآثار ومركز دعم المتاحف الأمريكى، للمساهمة فى برنامج "التنمية المتحفية" الذى تنفذه الوزارة، ويتضمن التدريب على أحدث طرق العرض المتحفى وأحدث أساليب إحكام الرقابة على المنافذ لمنع عمليات سرقة وتهريب الآثار المصرية.
وكان قد صرح الدكتور محمد إبراهيم، فى مارس الماضى من العام الجارى بأن الرأى العام الأمريكى والعديد من كبار مسئولى الإدارة الأمريكية يؤيدون مصر فى مطلبها بحظر تهريب وتداول الممتلكات المصرية الثقافية، والاتجار غير المشروع فى الآثار المصرية، وهو المطلب الذى تقدم به لوزارة الخارجية الأمريكية خلال اجتماعه بمساعدى وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الثقافية والتعليمية وشؤون الشرق الأوسط، أثناء زيارته الرسمية إلى واشنطن قبل أسبوعين تقريباً، بشأن التنسيق بين الدولتين بما يضمن الحد من عمليات الاتجار غير المشروع بالآثار المصرية المنهوبة.
بينما أعلن المجلس الأعلى للآثار فى أكتوبر 2011 عن إبرام اتفاقية بين المجلس والولايات المتحدة الأمريكية لملاحقة مهربى الآثار داخل الحدود الأمريكية، واستعادة الآثار المسروقة لمصر من جديد، وقال الدكتور مصطفى أمين، رئيس المجلس، إنه أعد مذكرة تفاهم بين مصر، ممثلة فى المجلس الأعلى للآثار، والولايات المتحدة الأمريكية، ممثلة فى إدارة الهجرة والأمن الداخلي، يتم بمقتضاها ملاحقة تجار ومهربى الآثار داخل الحدود الأمريكية، ومصادرة ما بحيازة كل من يتم القبض عليه من آثار واتخاذ الإجراءات القانونية لاستعادتها لمصر مرة أخرى، وأضاف أنه تمت مناقشة تقديم منحة أمريكية ودعم مادى لمصر لتنفيذ خطة أمنية يضعها الخبراء الأمنيون المصريون، وبمساهمة فنية ومادية من الجانب الأمريكي، تتضمن الاستعانة بالتقنية الحديثة من تركيب أجهزة مراقبة ترتبط بحجرات عمليات مركزية، وإنشاء بوابات إلكترونية عند مداخل المناطق والمتاحف الأثرية للسيطرة عليها ومراقبتها.